من محكومة إلى موقوفة إداريا إلى محكومة مجددا، دوامة عاشت بها رغدة “اسم مستعار” لأعوام، يضاف إليها قرارات “الإقامة الجبرية” التي تعيق رغدة بحسب قولها، عن “فتح صفحة جديدة والمضي قدما”.
تقول رغدة، وهي واحدة من المكررات في جرائم السرقة، “بنخلص محكومية، بعملوا إعادة للمركز الأمني اللي بحولنا على الحاكم الإداري، والحاكم الإداري بقرر إعادة توقيف إداري، بنخلص توقيف إداري، بصير علينا قرار إقامة جبرية، توقيع صبح ومسا بالمركز الأمني”.
وتتابع، “التوقيع بالمركز الأمني بده مواصلات وتكاليف، غير عن تعطيل حياتنا، كيف بدنا نبلش صفحة جديدة؟ وكيف بدنا نشتغل، إذا كل يوم لازم أوقع مرتين؟ أكيد رح نرجع لتكرار بدنا نعيش”.
رغدة هي واحدة من مجموعة موقوفات إداريا في مركز إصلاح وتأهيل النساء “الجويدة” واللواتي تحولن من محكومات قضائيا في جرائم مختلفة الى موقوفات اداريا بسبب اجراءات “اعادة التوقيف”، طالبن خلال لقاء جمعهن الأسبوع الماضي مع مجموعة من القيادات النسوية في المركز وبتنظيم من مجموعة القانون لحقوق الإنسان “ميزان” بإيجاد حلول لمشكلتهن وإنهاء التوقيف الإداري بحقهن.
تتنوع أسباب إعادة النساء اللواتي شاركن باللقاء، فمنهن من أعيد توقيفها اداريا بعد انتهاء محكوميتها خوفا من تكرارها للجريمة كما هو حال رغدة وهي حالات غالبا ما تتعلق بجرائم السرقة، فيما تم توقيف أخريات حفاظا على حياتهن بعد انتهاء محكوميتهن عن جرائم الزنى، وأخريات تم إعادة توقيفهن بسبب عدم وجود شخص يكفلهن.
بلغ عدد النزيلات “جويدة – نساء”، حتى الأسبوع الماضي نحو 412 بين أردنية وأجنبية، منهن 102 موقوفات اداريا و116 موقوفات قضائيا.
ومن ضمن الموقوفات إداريا أجنبيات بسبب مخالفة قانون الإقامة، وأخريات كن محكومات قضائيا لكن تمت إعادتهن كموقوفات إداريا، والفئة الأخيرة لحالات مختلفة بسبب وجود خطورة على حياتهن أو بسبب عدم وجود أي مكان يقمن فيه متخلى عنهن من قبل أسرهن او متغيبات أو يعانين من اضطرابات نفسية وعقلية.
يقول الخبير القانوني الدكتور ليث نصراوين إن التوقيف نوعان، توقيف بعد وقوع الجريمة وهو التوقيف بقرار قضائي، وتوقيف يتخذ استباقا لجريمة متوقعة وهو التوقيف الإداري الذي يقوم به الحاكم الإداري.
ويتابع، “التوقيف الاداري بهذا المفهوم له مبررات وضرورات لأن الإدارة العامة واجبها الحفاظ على النظام والأمن العام، لكن التوقيف الإداري كذلك له محددات وقيود ويجب أن لا يتعارض مع القرارات القضائية والأحكام القطعية بالبراءة والإدانة، فالقرار القضائي بعلم القانون هو عنوان للحقيقة ويجب احترامه واحترام تنفيذ أحكامه”.
ويؤكد نصراوين أن “إعادة توقيف المحكوم بعد انتهاء محكوميته على ذات القضية يعتبر اعتداء وعدم احترام للقرارات القضائية”، أما مبررات استمرار التوقيف الاداري للمحكوم بعد انتهاء محكوميته حماية لحياته كما يبرر الحكام الإداريون “فإن الغاية لا تبرر الوسيلة، ويجب على الدولة ايجاد وسائل أخرى وتوفير الحماية دون أن يكون ذلك على حساب الحق بحرية التنقل”.
ويوضح، “ينطبق ذات الأمر فيما يخص النساء المعرضات للخطر سواء كان ذلك من خلال توفير دور الإيواء أو التعهد بعدم التعرض أو برامج التأهيل والتمكين للنساء”.
من ناحيتها تبين مديرة مجموعة القانون لحقوق الإنسان المحامية ايفا أبو حلاوة، أنه مع انتهاء المحكومية يطالب المحكومون بما يسمى بـ “إفراج باب لكن نادرا ما يتم تطبيق هذا الاجراء، اذ يتم اعادة النزيل الى المركز الأمني الذي ألقى القبض عليه أول مرة للتأكد ما اذا كان هناك قضايا أخرى بحقه، وبعد تحويله الى الحاكم الإداري وفي حال رأى أنه لا يجب الإفراج عن الشخص يتم اعادته كموقوف اداري”.
وتقول إن هذا الاجراء لا ينطبق على المحكومين فقط بل أيضا على الموقوفين قضائيا، اذ يقرر القاضي تكفيل الموقوف لحين البت بالقرار لكن الحاكم الإداري واحيانا بتنسيب من المركز الأمني يقوم بتوقيف الشخص إداريا.
وترى أبو حلاوة في هذه الاجراءات “مخالفة للقانون، ومخالفة صريحة للتشريعات الاردنية والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها الاردن، كما تعتبر مساسا باستقلال القضاء”، موصية بضرورة “حصر سلطة التوقيف بالقضاء”.
وفيما يخص المكررين ومعتادي الاجرام، اقترحت أبو حلاوة “تشكيل لجنة من جهات حكومية وغير حكومية لمناقشة برامج التأهيل وإعادة الإدماج المخصصة لهم”، لافتة الى الجزئية المتعلقة بالنساء وتحديدا اعادة التوقيف بسبب عدم وجود كفيل، أو وجود خطورة على حياة السيدة بعد انقضاء الحكم القضائي كما في حالات الزنى.
وأوضحت أن “الأصل في هذه الحالات أن يتم تأمين النساء بمأوى خاص للنساء المتخلى عنهن لحين تسوية خلافاتهن مع ذويهن وتمكينهن من خلال التأهيل المهني والنفسي والاجتماعي لمساعدتهن على الاندماج في المجتمع لاحقا”.